خصخصه الصحه تهدد حياه الفقراء
هذه مقاله د محمد حسن فى جريده الجمهوريه يوم السبت 30 ابريل 2011
الوضع الصحي المزري.. والمشاهد المؤلمة للمرضي.. والإهمال والفساد في المستشفيات الحكومية.. وتراكم علي مدي 30 عاماً.. كانت بكل تأكيد من دوافع خروج الملايين لاسقاط النظام البائد. وكانت من أسباب النقمة علي الحكومة ولذلك نشأت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة من جانب مجموعة من الأطباء الوطنيين.. للتصدي لمشروع قانون التأمين الصحي الذي شرع النظام البائد في اقراره للاجهاز علي ما تبقي من مزاياه وتحويله إلي نظام تجاري ربحي حتي ولو مات نصف الشعب والغريب ان آلة النفاق الاعلامي الحكومي شاركت بقوة في الترويج لهذا القانون.. ولكن اللجنة تصدت بشجاعة له ونظمت وقفات مستمرة امام مجلس الشعب ومؤتمرات قومية فضحت فيه المآرب الأخري من اصرار وزير الصحة الاسبق علي تنفيذه بدعم من لجنة السياسات والحزب الوطني.
الجمهورية التقت أحد ابرز الأطباء الذين تصدوا بجسارة لمشروع القانون ودفع الثمن غالياً ومع ذلك لم يسلم ولم يستسلم وقرر المضي في مهمته الإنسانية والاجتماعية في الانحياز إلي الفئات الفقيرة والمغبونة مهما كلف الامر أنه الدكتور محمد حسن خليل مقرر لجنة الدفاع عن الحق في الصحة وكبير استشاري القلب في مستشفي التأمين الصحي بمدينة نصر.
قال الدكتور حسن في رأيي ورأي الكثيرين ان التأمين الصحي امثل نظام للعلاج. والبعض يتصور أنه نظام ابتكرته الحكومة لعلاج الفقراء علي حسابها وهذا التصور غير صحيح علي الاطلاق.
والتصور الصحيح هو ان التأمين الصحي نظام لعلاج الموظفين وفئات معينة من المجتمع علي حساب نفسها.. وبمفهوم أكثر عمقاً أنه نظام يتكافل فيه الجميع لعلاج من يمرض منهم.. يتحمل كل منهم جزء في العلاج يتمثل في اشتراك يدفعه من راتبه وهو في صحة كاملة وبرضاه حتي إذا تعرض لاي أزمة صحية صغيرة أو كبيرة.. يجد مستشفي يعالج فيه.. قد تأتي هذه الأزمة وهو في شبابه أو في شيخوخته.. ولا يتحمل من تكاليف العلاج أية نسبة.
ويمكن تشبيه نظام التأمين الصحي.. بما يفعله بعضنا وبخاصة السيدات من الاتفاق علي "جمعية" من يمرض اولاً يقبض أي تكون له الاولية في العلاج.
بدأ عام 1964 وقبله العلاج السائد كان مجاناً سواء في المستشفيات الجامعية أو مستشفيات وزارة الصحة.
لكن ارتفاع التكلفة ومصر كانت بلداً فقيراً والحكومة لا تستطيع ان تتحمل تكلفة العلاج وكان الحل اللجوء لنظام التأمين الصحي أي نقل العبء من الحكومة إلي المواطن الذي قد لا يحتاج العلاج 10 أو 20 عاماً.. وبعدها قد يحتاج إلي اجراء جراحة في القلب أو علاج للأورام وقد لا يستطيع تحمل التكاليف.
من هنا جاءت فكرة ان يشارك المواطن في نظام المشاركة في العلاج عن طريق دفع اشتراك عبارة عن نسبة من راتبه وان تكون من ضمن نسبة اشتراكه في الرعاية الاجتماعية التي تتوزع قيمتها بين العامل ورب العمل.
العامل يدفع 1% والعمل يدفع 3% ونسبة الاربعة في المائة تمثل ميزانية التأمين الصحي التي يعالج بها كل المواطنين.
واخر دراسة اجريت عام 2005 أكدت أن نصيب ما يدفعه الفرد من مجموع حصيلة ال 4% حوالي 180 جنيهاً في المتوسط.. في مقابل 179 جنيهاً تم انفاقها علي كل من تردد أو استفاد من العلاج بهذا النظام في المتوسط ايضاً.
رعاية متنوعة
هناك 4 مستويات يحصل فيها المشترك علي خدمات ورعاية متنوعة وحسب الحالة المرضية للمستوي الأول يشمل الرعاية الصحية الاولية مثل العيادات الخارجية والأدوية والفحوص والثاني الرعاية الصحية بالمستشفيات مثل العمليات العادية والولادة القيصرية.
وأمراض الباطنة والثالث الرعاية الصحية والمهارية أو الثالثية أي المتخصصة جداً مثل جراحات وقسطرة القلب والمخ والاعصاب والعظام وغيرها والرابع العلاج التأهيلي ويشمل الامراض التي لا علاج لها.
التأمين الصحي يقدم هذه الخدمات لكل المشتركين فيه من موظفي القطاعين العام والخاص والحكومة.. دون ان يكون هناك عجز في ميزانيته.. لأن موارده تكفي مصروفاته.. والتوازن بين الموارد والمصروفات يأتي من ان هناك شرائح من المستفيدين لا تحتاج العلاج لأنها في مراحل الشباب وشرائح اخري لا تحتاج هذه الخدمة فترات طويلة.
أي ان التأمين يقوم علي فكرة التضامن بين المشتركين لعلاج من يتعرض لمشكلة صحية.. أو ما نطلق عليه بالتكافل حتي مع النفس بدفع اشتراكات في سن الشباب تعود عليهم بالنفع عندما يتقدم بهم السن.
تكلفة العلاج
واجه التأمين الصحي عدة مشكلات من كذا اتجاه.. بدأت منذ عام 1975 عندما قررت الحكومة تخفيض مرتبات العاملين بها بتخفيض نسبة اشتراكهم من 4% إلي 2% يتحمل العامل نصف في المائة وهي تتحمل 1.5% بينما ثبتت نسبة العاملين في القطاعين العام والخاص.. وهي بذلك رفعت عن نفسها 50% من تكلفة العلاج.
المحصلة
وتمثلت محصلة التوسع في التأمين في وجود عجز في نهاية القرن الماضي ووجهت بعدة اجراءات نجحت في الحد من العجز مثل تقليل كمية الأدوية وعمل عبوات خاصة ووقف نوعيات أخري منها ليس المريض في حاجة إليها لأنه كان يبيعها مرة أخري للاجزخانة وترشيد عدد العمليات.
هذه الاجراءات البسيطة حققت وفراً ملحوظاً ومع ذلك كانت الحكومة تردد ان هناك عجزاً وعندما حصلنا علي ارقام من هيئة التأمين الصحي ونشرت وجدنا فائضاً يتراوح من مائة إلي مائتي مليون جنيه في الفترة من 2001 إلي 2006 والدليل ان التأمين الصحي كان لديه وديعة قدرها 540 مليون جنيه في 30 يونيو .2006
التوسع في التأمين الصحي دون ان يقابله التزام بدفع نسبة رب العمل مثل هيئة المعاشات وتخفيض الحكومة الخدمات التي يقدمها زيادة الزحام وخاصة في العيادات الخارجية وكان الرضا عنها حوالي 50% وعن الرعاية في الأمراض المزمنة 75% ومن 80 إلي 90% في خدمة المستشفيات حسب دراسة مجلس الوزراء.
عندما كان المشترك يواجه مشكلة صحية كبيرة مثل جراحات القلب المفتوح أو الفشل الكلوي وغيرها لا يتحمل أي شيء.. وكان يدخل الاقسام الداخلية 750 ألفاً منهم 400 ألف يجرون جراحات وتستقبل العيادات الخارجية 41 مليوناً بينهم مرضي متكررون مثل السكر والضغط ومشكلتهم انهم كانوا يتعرضون للزحام الشديد والانتظار الطويل ولا يتمكن الطبيب سواء الممارس العام أو الاخصائي أو الاستشاري من اعطاء المريض حقه في الفحص الذي لا يستمر إلا 4 دقائق أو اقل احيانا وكان الطبيب الاستشاري لا يحصل إلا علي 20 جنيهاً في ساعتين بالعيادة الخارجية.
ونشأت مشكلة التأمين الصحي لأن الوزارة لم تلجأ إلي توحيد قوانين التأمين الصحي زيادة نسبة الاشتراك العاملين بالحكومة ورب العمل لزيادة الموارد لكن لم نكن ندري ان هناك ترتيبات أخري تجري في الخفاء حيث تم التركيز علي المشكلات واتخذت من اوجه القصور تكأه لتقديم حلول اخري ورأت في "الخصخصة" حلاً سحرياً وابتكرت مشكلات أخري ومن نوعية مختلفة غير التي ذكرتها مثل ان الخدمة تفتقد الجودة ورأت ان علاج عدم الجودة بعمل جودة كأن ترتدي الممرضة جوانتي لكل حالة وان تقلل العدوي في المستشفيات نعم هذا مطلوب وضروري ولكن هذا العلاج كمن يبني الدور العاشر قبل ان يبني الادوار التسعة أولاً.
وكيف تطلب خدمة من طبيب أو ممرضة أو فئة معاونة لا يحصلون علي مقابل معقول وكيف تطلب جودة العمل وابسط متطلباتها منعدمة لابد ان تكون هناك عدالة أولاً وزيادة عدد العيادات الخارجية لمواجهة التوسع في عدد المستفيدين وحتي يمكن تطبيق اللوائح التي تقول ان الاستشاري يكشف علي 8 مرضي فقط والاخصائي 16 والممارس العام 32 حتي يحصل المريض علي حقه في الفحص إذا كيف تطلب جودة والطبيب يستقبل أكثر من مائة مريض في ساعتين هذا كلام فارغ.
هدف المبالغة في المشكلات
وأكد د.حسن: كان مقصوداً المبالغة في مشكلات التأمين والتركيز علي انعدام الجودة لكي يكون هناك مبررات كافية لاستدعاء القطاع الخاص لتحسين الجودة ثم الانتقال إلي ان يصبح القطاع الخاص مهيمناً علي هذه الخدمة الجماهيرية الواسعة بتحويل مؤسسات التأمين ومستشفياته إلي شركة قابضة هدفها الأول الربح وليس خدمة المرضي ووضع صحة الملايين في مصلحة المستثمرين وهذا كلام خطير.
منذ ان وقع إسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق برنامج الاصلاح الصحي مع الجهات المانحة وهي البنك الدولي وهيئة المعونة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عام 1998 وكان يتضمن هذه الاجراءات وكان اتفاق الاصلاح الصحي في حقيقته اتفاقاً علي الخصخصة وهي فلسلفة يتبعها البنك الدولي ومعروفة للجميع لأنه جهة لا تدعي انها تأتي لتقديم المساعدات وإنما تأتي لنشر قيم الاقتصاد الحر في العالم وهي سياسة معلنة للجميع ومعروف أنه لا يقدم شيئاً للفقراء أو لوجه الله وفلسفته ان المنافسة تؤدي إلي الكفاءة وتحسين الجودة ولكي تكون المنافسة علي اسس متكافئة لا يصح ان ينافس القطاع العام الذي لا يهدف للربح مع القطاع الخاص الذي لا يهدف إلا للربح.
والقطاع العام سيقدم خدمته بسعر التكلفة وستكون ارخص بينما ستكون اغلي في القطاع الخاص بعد تحقيق نسبة ربحه ولكي تكون هناك مساواة في المنافسة فلابد ان تكون مستشفيات الحكومة والقطاع العام ربحية وبالتالي تحويلها إلي شركات والضحية في كل الاحوال المرضي.
وصدر قرار من رئيس الوزراء رقم 637 لسنة 2007 بانشاء الشركة المصرية للرعاية الصحية تؤول إليها كل اصول مستشفيات وعيادات وصيدليات التأمين الصحي لادارتها علي أسس تجارية وسمح بمشاركة بين القطاعين العام والخاص وطرح اسهمها في البورصة وادارة المحفظة المالية وكانت هذه نقطة البداية لتحويل الهيئات والمؤسسات الخدمية لشركات تجارية ربحية.
وهذا ما وقفت ضده لجنة الدفاع عن الحق في الصحة ولجأت إلي المحكمة وحصلت علي حكم تأييد للمرة الثانية ونص في شقه المستعجل علي وقف قرار رئيس الوزراء بانشاء الشركة القابضة.
كثير من العيوب
ومشروع القانون الجديد به كثير من العيوب اولها أنه يحوله من تأمين صحي اجتماعي إلي تأمين صحي تجاري والأخير موجود حالياً في الولايات المتحدة بينما الاول موجود في أوروبا وكندا واليابان والهند ومصر.
ومضمون هذا التحول ان لا يكون هناك تأمين علي كل الأمراض بل علي مجموعة منها فقط تسمي حزمة الأمراض وتقسم خدماته إلي 3 حزم الأولي تحصل علي الرعاية الصحية والاولية والثانية ثانوية وهي خدمات بسيطة وكما شرحها حاتم الجبلي وزير الصحة الاسبق فإن المستفيدين سيتحملون ثلث تكاليف الأدوية والعمليات الجراحية البسيطة أما الحزمة الثالثة التي تشمل الجراحات المهارية كالمخ والاعصاب والأورام والقلب فلن يتحملها التأمين مدعياً انه لا يوجد تأمين صحي في العالم يعالج الأورام مثلاً وهذا كلام تضليل لأن كل نظم العالم تعالج الاورام ماعدا أمريكا وكانت الولايات المتحدة وانظمتها المثل الاعلي للوزير الاسبق وكان يردد أنه يتمني ان يكون لدي كل مواطن بوالص تأمينية متعددة لكل حزمة أمراض ولكل حزمة اشتراك مختلف معني كلمة بوالص ان الاشتراك ليس في هيئة خدمية وإنما اشتراك في شركة ربحية تعمل بوالص تأمين مثل بوالص التأمين علي السيارة.
وكان لابد من الوقوف ضد مشروع القانون الذي كان به تفرقه بين المواطنين المتساويين امام الدستور وسيترتب عليه ان ثلثي المؤمن عليهم سيحصلون علي رعاية بسيطة جداً مثل العيادة الخارجية والأدوية والولادة الطبيعية مع دفع ثلث الثمن.
وكنا كلما زاد انتقادنا قدموا لنا استثناءات مثل تخصيص 5% من موارد التأمين تعالج من يصاب بأمراض كارثية شرط ان يحصل علي موافقة الوزير وان يكون لديه ما يثبت ان هذا المرض يؤثر علي استقرار الأسرة وبشرط ألا يخل العلاج بهذه النسبة.
واطلقنا علي مشروع هذا القانون قانون خصخصة الصحة وقمنا ب 5 وقفات امام مجلس الشعب وعملنا حملات اعلامية مضادة و3 مؤتمرات قومية للدفاع عن حق المواطن في الصحة وانبثق عن كل مؤتمر اعلان يؤكد حق المصريين في الصحة ووقف معنا 11 حزباً معارضاً وساندتنا النقابات المهنية والعمالية ومنظمات المجتمع المدني.
الجمهورية التقت أحد ابرز الأطباء الذين تصدوا بجسارة لمشروع القانون ودفع الثمن غالياً ومع ذلك لم يسلم ولم يستسلم وقرر المضي في مهمته الإنسانية والاجتماعية في الانحياز إلي الفئات الفقيرة والمغبونة مهما كلف الامر أنه الدكتور محمد حسن خليل مقرر لجنة الدفاع عن الحق في الصحة وكبير استشاري القلب في مستشفي التأمين الصحي بمدينة نصر.
قال الدكتور حسن في رأيي ورأي الكثيرين ان التأمين الصحي امثل نظام للعلاج. والبعض يتصور أنه نظام ابتكرته الحكومة لعلاج الفقراء علي حسابها وهذا التصور غير صحيح علي الاطلاق.
والتصور الصحيح هو ان التأمين الصحي نظام لعلاج الموظفين وفئات معينة من المجتمع علي حساب نفسها.. وبمفهوم أكثر عمقاً أنه نظام يتكافل فيه الجميع لعلاج من يمرض منهم.. يتحمل كل منهم جزء في العلاج يتمثل في اشتراك يدفعه من راتبه وهو في صحة كاملة وبرضاه حتي إذا تعرض لاي أزمة صحية صغيرة أو كبيرة.. يجد مستشفي يعالج فيه.. قد تأتي هذه الأزمة وهو في شبابه أو في شيخوخته.. ولا يتحمل من تكاليف العلاج أية نسبة.
ويمكن تشبيه نظام التأمين الصحي.. بما يفعله بعضنا وبخاصة السيدات من الاتفاق علي "جمعية" من يمرض اولاً يقبض أي تكون له الاولية في العلاج.
بدأ عام 1964 وقبله العلاج السائد كان مجاناً سواء في المستشفيات الجامعية أو مستشفيات وزارة الصحة.
لكن ارتفاع التكلفة ومصر كانت بلداً فقيراً والحكومة لا تستطيع ان تتحمل تكلفة العلاج وكان الحل اللجوء لنظام التأمين الصحي أي نقل العبء من الحكومة إلي المواطن الذي قد لا يحتاج العلاج 10 أو 20 عاماً.. وبعدها قد يحتاج إلي اجراء جراحة في القلب أو علاج للأورام وقد لا يستطيع تحمل التكاليف.
من هنا جاءت فكرة ان يشارك المواطن في نظام المشاركة في العلاج عن طريق دفع اشتراك عبارة عن نسبة من راتبه وان تكون من ضمن نسبة اشتراكه في الرعاية الاجتماعية التي تتوزع قيمتها بين العامل ورب العمل.
العامل يدفع 1% والعمل يدفع 3% ونسبة الاربعة في المائة تمثل ميزانية التأمين الصحي التي يعالج بها كل المواطنين.
واخر دراسة اجريت عام 2005 أكدت أن نصيب ما يدفعه الفرد من مجموع حصيلة ال 4% حوالي 180 جنيهاً في المتوسط.. في مقابل 179 جنيهاً تم انفاقها علي كل من تردد أو استفاد من العلاج بهذا النظام في المتوسط ايضاً.
وأمراض الباطنة والثالث الرعاية الصحية والمهارية أو الثالثية أي المتخصصة جداً مثل جراحات وقسطرة القلب والمخ والاعصاب والعظام وغيرها والرابع العلاج التأهيلي ويشمل الامراض التي لا علاج لها.
التأمين الصحي يقدم هذه الخدمات لكل المشتركين فيه من موظفي القطاعين العام والخاص والحكومة.. دون ان يكون هناك عجز في ميزانيته.. لأن موارده تكفي مصروفاته.. والتوازن بين الموارد والمصروفات يأتي من ان هناك شرائح من المستفيدين لا تحتاج العلاج لأنها في مراحل الشباب وشرائح اخري لا تحتاج هذه الخدمة فترات طويلة.
أي ان التأمين يقوم علي فكرة التضامن بين المشتركين لعلاج من يتعرض لمشكلة صحية.. أو ما نطلق عليه بالتكافل حتي مع النفس بدفع اشتراكات في سن الشباب تعود عليهم بالنفع عندما يتقدم بهم السن.
تكلفة العلاج
واجه التأمين الصحي عدة مشكلات من كذا اتجاه.. بدأت منذ عام 1975 عندما قررت الحكومة تخفيض مرتبات العاملين بها بتخفيض نسبة اشتراكهم من 4% إلي 2% يتحمل العامل نصف في المائة وهي تتحمل 1.5% بينما ثبتت نسبة العاملين في القطاعين العام والخاص.. وهي بذلك رفعت عن نفسها 50% من تكلفة العلاج.
هذه الاجراءات البسيطة حققت وفراً ملحوظاً ومع ذلك كانت الحكومة تردد ان هناك عجزاً وعندما حصلنا علي ارقام من هيئة التأمين الصحي ونشرت وجدنا فائضاً يتراوح من مائة إلي مائتي مليون جنيه في الفترة من 2001 إلي 2006 والدليل ان التأمين الصحي كان لديه وديعة قدرها 540 مليون جنيه في 30 يونيو .2006
التوسع في التأمين الصحي دون ان يقابله التزام بدفع نسبة رب العمل مثل هيئة المعاشات وتخفيض الحكومة الخدمات التي يقدمها زيادة الزحام وخاصة في العيادات الخارجية وكان الرضا عنها حوالي 50% وعن الرعاية في الأمراض المزمنة 75% ومن 80 إلي 90% في خدمة المستشفيات حسب دراسة مجلس الوزراء.
عندما كان المشترك يواجه مشكلة صحية كبيرة مثل جراحات القلب المفتوح أو الفشل الكلوي وغيرها لا يتحمل أي شيء.. وكان يدخل الاقسام الداخلية 750 ألفاً منهم 400 ألف يجرون جراحات وتستقبل العيادات الخارجية 41 مليوناً بينهم مرضي متكررون مثل السكر والضغط ومشكلتهم انهم كانوا يتعرضون للزحام الشديد والانتظار الطويل ولا يتمكن الطبيب سواء الممارس العام أو الاخصائي أو الاستشاري من اعطاء المريض حقه في الفحص الذي لا يستمر إلا 4 دقائق أو اقل احيانا وكان الطبيب الاستشاري لا يحصل إلا علي 20 جنيهاً في ساعتين بالعيادة الخارجية.
ونشأت مشكلة التأمين الصحي لأن الوزارة لم تلجأ إلي توحيد قوانين التأمين الصحي زيادة نسبة الاشتراك العاملين بالحكومة ورب العمل لزيادة الموارد لكن لم نكن ندري ان هناك ترتيبات أخري تجري في الخفاء حيث تم التركيز علي المشكلات واتخذت من اوجه القصور تكأه لتقديم حلول اخري ورأت في "الخصخصة" حلاً سحرياً وابتكرت مشكلات أخري ومن نوعية مختلفة غير التي ذكرتها مثل ان الخدمة تفتقد الجودة ورأت ان علاج عدم الجودة بعمل جودة كأن ترتدي الممرضة جوانتي لكل حالة وان تقلل العدوي في المستشفيات نعم هذا مطلوب وضروري ولكن هذا العلاج كمن يبني الدور العاشر قبل ان يبني الادوار التسعة أولاً.
وكيف تطلب خدمة من طبيب أو ممرضة أو فئة معاونة لا يحصلون علي مقابل معقول وكيف تطلب جودة العمل وابسط متطلباتها منعدمة لابد ان تكون هناك عدالة أولاً وزيادة عدد العيادات الخارجية لمواجهة التوسع في عدد المستفيدين وحتي يمكن تطبيق اللوائح التي تقول ان الاستشاري يكشف علي 8 مرضي فقط والاخصائي 16 والممارس العام 32 حتي يحصل المريض علي حقه في الفحص إذا كيف تطلب جودة والطبيب يستقبل أكثر من مائة مريض في ساعتين هذا كلام فارغ.
منذ ان وقع إسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق برنامج الاصلاح الصحي مع الجهات المانحة وهي البنك الدولي وهيئة المعونة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عام 1998 وكان يتضمن هذه الاجراءات وكان اتفاق الاصلاح الصحي في حقيقته اتفاقاً علي الخصخصة وهي فلسلفة يتبعها البنك الدولي ومعروفة للجميع لأنه جهة لا تدعي انها تأتي لتقديم المساعدات وإنما تأتي لنشر قيم الاقتصاد الحر في العالم وهي سياسة معلنة للجميع ومعروف أنه لا يقدم شيئاً للفقراء أو لوجه الله وفلسفته ان المنافسة تؤدي إلي الكفاءة وتحسين الجودة ولكي تكون المنافسة علي اسس متكافئة لا يصح ان ينافس القطاع العام الذي لا يهدف للربح مع القطاع الخاص الذي لا يهدف إلا للربح.
والقطاع العام سيقدم خدمته بسعر التكلفة وستكون ارخص بينما ستكون اغلي في القطاع الخاص بعد تحقيق نسبة ربحه ولكي تكون هناك مساواة في المنافسة فلابد ان تكون مستشفيات الحكومة والقطاع العام ربحية وبالتالي تحويلها إلي شركات والضحية في كل الاحوال المرضي.
وصدر قرار من رئيس الوزراء رقم 637 لسنة 2007 بانشاء الشركة المصرية للرعاية الصحية تؤول إليها كل اصول مستشفيات وعيادات وصيدليات التأمين الصحي لادارتها علي أسس تجارية وسمح بمشاركة بين القطاعين العام والخاص وطرح اسهمها في البورصة وادارة المحفظة المالية وكانت هذه نقطة البداية لتحويل الهيئات والمؤسسات الخدمية لشركات تجارية ربحية.
وهذا ما وقفت ضده لجنة الدفاع عن الحق في الصحة ولجأت إلي المحكمة وحصلت علي حكم تأييد للمرة الثانية ونص في شقه المستعجل علي وقف قرار رئيس الوزراء بانشاء الشركة القابضة.
ومضمون هذا التحول ان لا يكون هناك تأمين علي كل الأمراض بل علي مجموعة منها فقط تسمي حزمة الأمراض وتقسم خدماته إلي 3 حزم الأولي تحصل علي الرعاية الصحية والاولية والثانية ثانوية وهي خدمات بسيطة وكما شرحها حاتم الجبلي وزير الصحة الاسبق فإن المستفيدين سيتحملون ثلث تكاليف الأدوية والعمليات الجراحية البسيطة أما الحزمة الثالثة التي تشمل الجراحات المهارية كالمخ والاعصاب والأورام والقلب فلن يتحملها التأمين مدعياً انه لا يوجد تأمين صحي في العالم يعالج الأورام مثلاً وهذا كلام تضليل لأن كل نظم العالم تعالج الاورام ماعدا أمريكا وكانت الولايات المتحدة وانظمتها المثل الاعلي للوزير الاسبق وكان يردد أنه يتمني ان يكون لدي كل مواطن بوالص تأمينية متعددة لكل حزمة أمراض ولكل حزمة اشتراك مختلف معني كلمة بوالص ان الاشتراك ليس في هيئة خدمية وإنما اشتراك في شركة ربحية تعمل بوالص تأمين مثل بوالص التأمين علي السيارة.
وكان لابد من الوقوف ضد مشروع القانون الذي كان به تفرقه بين المواطنين المتساويين امام الدستور وسيترتب عليه ان ثلثي المؤمن عليهم سيحصلون علي رعاية بسيطة جداً مثل العيادة الخارجية والأدوية والولادة الطبيعية مع دفع ثلث الثمن.
وكنا كلما زاد انتقادنا قدموا لنا استثناءات مثل تخصيص 5% من موارد التأمين تعالج من يصاب بأمراض كارثية شرط ان يحصل علي موافقة الوزير وان يكون لديه ما يثبت ان هذا المرض يؤثر علي استقرار الأسرة وبشرط ألا يخل العلاج بهذه النسبة.
واطلقنا علي مشروع هذا القانون قانون خصخصة الصحة وقمنا ب 5 وقفات امام مجلس الشعب وعملنا حملات اعلامية مضادة و3 مؤتمرات قومية للدفاع عن حق المواطن في الصحة وانبثق عن كل مؤتمر اعلان يؤكد حق المصريين في الصحة ووقف معنا 11 حزباً معارضاً وساندتنا النقابات المهنية والعمالية ومنظمات المجتمع المدني.
1 Comments:
شكرا على الموضوع
Post a Comment
<< Home